المركزية الافريقية والقومية العربية ... ما سر المودة بينهم؟

القومية

1 دقيقة

نزلت في ٠١‏/١٢‏/٢٠٢٣

المركزية الافريقية والقومية العربية ... ما سر المودة بينهم؟

العروبيين (خصوصاً في مصر) بينهم وبين المركزية الافريقية مودة غريبة.. و ليه لأ؟ و هم أفضل من يخدم أفكار بعضهم البعض ولهم تاريخ طويل من مساعدة بعضهم البعض..

العروبة ومحاولة عزل المصريين عن هويتهم وإرثهم التاريخي

العروبة، على لسان أقدم العروبيين في القرن الماضي، قدامها عقبة صعبة تمنعهم من ضم مصر للأُمة العربية و حل العقبة دي متوقف على عزل المصريين عن إرثهم التاريخي والثقافي المستمر معهم منذ آلاف السنين لأن هذا الإرث وفق شهادة المفكر العروبي السوري ساطع الحصري هو "السبب في غياب أي شعور بالإنتماء لأُمة عربية في الشارع المصري" و دة اللي شافه بنفسه لما زار مصر في الثلاثينات.

ساطع الحصري كان شايف أنه استمرار اتصال المصريين بتراثهم الثقافي المستمر من آلاف السنين وحاضر معهم في أدف تفاصيل حياتهم لازم ينتهي فوراً.. لذلك الفترة اللي قعدها في مصر كرس جهوده لمحاربة القومية المصرية بكل قوة وإقناع المصريين أنهم "عرب" وكان مقتنع أن التراث المصري عقبة أمام ضم المصريين للأمة العربية.

بدأ بمهاجمة أحمد لطفي السيد وطه حسين اللي قال أنه الهوية المصرية متجذرة في نفوس المصريين لأن ثقافتهم وتفاصيل حياتهم متجذرة بقوة في تراثهم المستمر منذ آلاف السنين وعاداتهم وتقاليدهم مصرية بجدارة.. ساطع الحصري وقتها وصف الثقافة والحضارة المصرية بالميتين وحصل شد وجذب وصل حد السب المباشر لطه حسين واشترك معاه في السب عروبيين كتير من سوريا.

ساطع الحصري لقي أنه محاولات فصل المصريين عن ثقافتهم المصرية المعاصرة أمر مستحيل فاتجه لمنحنى تاني وهو الترويج للطائفية فقال أنه مسيحيي مصر فقط اللي أصولهم وثقافتهم مصرية وبدأ يروج لخرافات عِلمية وتاريخية فقال أن اللغة القبطية هي ذاتها اللغة السريانية (لغة قديمة في سوريا اندثرت زي القبطية قصاد العربية).

بعد ثورة ١٩٥٢ انتقد مفكرين مصريين كتير على رأسهم طه حسين أي محاولات لضم مصر بالعافية لدولة عربية كُبرى تجعل من مصر محافظة عربية لأنها تقضي في النهاية لعزل المصريين عن ثقافتهم بالعافية وفرض ثقافة عربو-شامية عليهم.

بعد تبني الرئيس عبدالناصر العروبة رسمياً سنة ١٩٥٦ انتصر ساطع الحصري على المصريين وتم تعيينه في مناصب مهمة في جامعة الدول العربية وبدأ ينشر أفكاره بقوة اللي تلخصت في أن الثقافة المصرية ثقافة ميتة

ويجب على المصريين ترك ثقافتهم والإنضمام للثقافة العربية وهو السبب في نشر فكرة أنه المسلمين المصريين أصولهم عربية من الجزيرة العربية، فربط بين الإسلام والعروبة عشان يديها قدسية تمنع فصل العروبة عن مصر في المستقبل.

باختصار تيار العروبة اللي نشأ في مصر على يد ساطع الحصري اعتمد أفكار رئيسية روجها بين المصريين في الإعلام والصحافة والسينما.. وهي "المصريين الحاليين أحفاد العرب"/"تاريخ المصريين هو تاريخ العرب حتى قبل الاسلام مثل قيس وليلى وعنترة بن شداد والنعمان بن المنذز"/"لا يجوز الاهتمام بالثقافة المصرية لأن لا علاقة لكم بها".

المركزية الافريقية ... ازاي استفادت من العروبة؟

المركزية الافريقية قائمة على ثوابت هي أن المصريين المعاصرين لا علاقة ثقافية أو جينية تربطهم مع اجدادهم وأنهم شعب مختلف تماماً جاء من الجزيرة العربية وتاريخهم هو تاريخ العرب مش تاريخ مصر… و هو تيار العروبة في مصر بيقول ايه غير كدة؟

qoute

فترة ما بين الخمسينات والثمانينات كانت فترة هيمنة التيار العروبي على كل شئ في مصر واهتمت مصر وقتها بسياسة التعريب لكل شئ في مصر مع إهمال تام للتاريخ المصري والتراث الثقافي المصري..

والنتيجة؟ إهمال المصريين لإرثهم الثقافي القديم والمعاصر ساب الملعب فاضي للمركزية الافريقية تعوث في الأرض فساداً وتشتغل على قدم وساق من أجل الترويج لحقهم المزعوم في أرض وتاريخ مصر واللي ساعدهم على كدة غياب أي مقاومة مصرية للأفكار دي وهي لسة صغيرة ومش منتشرة..

بالتالي وصلنا للوضع الكارثي اللي احنا عليه النهاردة وهو أن معظم الافرو-امريكيين مصدقين انهم احفاد قدماء المصريين الحقيقيين واحنا احفاد العرب! وكان دايماً بيتحججوا بأن المصريين في مصر بيقولوا انهم عرب اذاً دة اعتراف منهم بعدم أحقيتهم في تاريخهم ووطنهم.

واللي زاد الطين بلاً هو اقتناع بعض اساتذة الجامعة المصريين فعلاً بكلام المركزية الافريقية عن مصر زي الدكتور بسام الشماع وبدأوا ينشروا كلامهم دة بين الطلبة المصريين.. مثلاً بسام الشماع بيقول لطلابه صراحةً أن السكان الأصليين لمصر هم مهاجرين من وسط افريقيا والباقي منهم النهاردة هم النوبيين وباقي المصريين دخلاء على مصر.

الموضوع وصل لدرجة أنه أول مرة يتم ترجمة كتب الشيخ أنتا ديوب (الأب الروحي للمركزية الافريقية) للغة العربية كان في مصر وتم طباعة ونشر كتبه وبيعها في مصر وخارجها! أمال فاكرين مقولة "السـ ودان اصل الحضارة" جاية منين؟

المركزية الافريقية انتشرت وتجذرت وتصدرت المشهد عالمياً لأننا لم نقاومها بل ساعدناها على الانتشار بتخلينا عن تراثنا وتمسكنا بأكاذيب ساطع الحصري عن مصر ومشينا ورا العروبيين فتخلينا عن تراثنا وسيبناه فريسة للمركزية الافريقية بدون اي مقاومة.. فهل نلوم أحد إلا أنفسنا؟

المركزية الافريقية استفادت من العروبة لأنها فصلت المصريين عن أي اهتمام بهويتهم وتراثهم فضمنت انتشار افكار المركزية الافريقية بدون اي مقاومة مصرية..

والعروبة استفادت من المركزية الافريقية لأنها خلت المركزية الافريقية تحتكر التاريخ المصري لنفسها.. وهو دة الهدف من البداية: فصل المصريين بأي وسيلة عن تاريخهم وثقافتهم ووعيهم الجمعي وضمهم للشعب العربي للاستفادة من قدراتهم البشرية والفكرية.

أن تأتي متأخراً خيرٌ من أن لا تأتي

أدركنا أننا ارتكبنا مصيبة.. هل هنفضل في حالة اضطراب الهوية؟ هل هنفضل متمسكين بشعارات فرضها علينا ساطع الحصري وحاشيته في مصر؟ هل هنتمسك بهوية وشعارات هي أكبر حُجة للمركزية الافريقية علينا؟

هل هنفضل نمشي ورا تيار بيفضل مصلحة "العروبة" على مصلحة المصريين ذات نفسهم وبيتعامل معانا على أننا مجرد خزنة بشرية وفكرية وعسكرية مفتوحة لتمويل وإثراء التراث العربي وسط مخاوف من أي إثراء للتراث المصري خوفاً من تهمة العنصرية و الانعزالية؟

اضطراب الهوية مش هيفيد بشئ.. بالعكس بيضرنا لأننا بنناقد نفسنا.. متمسكين بشعارات بتقول المصريين عرب ثقافياً وحينياً وبتنسب كل انجازات المصريين للعرب وبتفصل المصريين عن تراثهم وثقافتهم وبس في نفس الوقت بنقول اننا مصريين وحضارتنا اقدم حضارة في العالم؟ ازاي؟

آن الأوان للتخلي عن المرض اللي أرق مصر عقود طويلة وخدم المركزية الافريقية خدمة عظيمة وبعد ما كانت "مصر أُمة وطنية بذاتها" بقت مصر جزء من أُمة عربية ومُطالب من مصر تنسب كل انجازاتها بدايةً من الخمسينات للعرب وتدمر وتنسى كل منجزاتها قبل الخمسينات (خصوصاً انجازات العصور القديمة).

والمرض دة فتح الباب للقاصي والداني يعتدي على تراثنا ويطالب بحقه في الرجوع لأرض مصر وغسل عقول ملايين الامريكيين لحد ما هوليوود بقت متسستمة أنه اي شخصية مصرية تاريخية هتبقى افـ ر يقـ ية جنوب الصحرا ء.

qoute

الفرصة ما زالت قدامنا.

شير المقالة عن طريق

انفوجرافيك تبع المقالة

المركزية الافريقية والقومية العربية ... ما سر المودة بينهم؟

تاجات

العروبةالمركزية الافريقيةالقومية العربيةالقومية المصرية

اقرا كمان