لا يخفى على أحد أنه آخر سنتين بقت ملامح الفكر القومي المصري أوضح وأسهل للفهم و اتعملها عملية "تأصيل ايديولوجي" بحيث يكون الفكر منظم ولو أصول ورموز وكتب و ميكونش فكر عايم و مبهوق.
مع ذلك ما زال البعض يتسائل عن حقيقة تبني القومية المصرية للفكر الإنعزالي كما يُشاع عنها. هل دة صحيح؟ هل القومية المصرية عمرها تبنت الإنعزالية سواء في العصر الحالي أو في القرن الماضي؟
ما هي الإنعزالية؟
هي فكرة تعني الإنفصال عن المجتمع الدولي و عدم الاشتراك معه في الشؤون الدولية والعيش وحدنا لا نتعامل مع الدول والأمم الأخرى سواء اقتصادياً أو علمياً أو ثقافياً أو دبلوماسياً أو غيرها من أشكال التعاملات مع الدول.
كمان معظم التيارات الإنعزالية تتميز بالإيمان بالتفوق العرقي و معاداة و كراهية كل الشعوب الأخرى و اعتبارها أقل ذكاءاً وتحضراً بالفِطرة وهو يشبه اعتقاد النارْية عن الشعب الألماني.
هل القومية المصرية تؤمن بذلك؟
الإجابة الصريحة هي لأ، نرفض تماماً فكر الإنعزالية و نعاديه بشدة و لا وجود له في القومية المصرية عبر التاريخ ولا حتى في العصر الحالي. الإنعزالية فكر مريض قائم على العنصرية و معاداة الكل و الفكر دة أودى بألمانيا في الهاوية مرتين.
الإنعزالية تسلخ الإنسان عن سُنة من سنن الحياة و تخلق عداء و عنصرية بين الشعوب.. والقومية المصرية عكس ذلك تماماً. القومية المصرية في صُلبها تدعم المشاركة بقوة في المجتمع الدولي ونؤمن بدور مصر المحوري كقوة اقليمية ورقم صعب عالمياً.
نحترم كل الشعوب وكل الحضارات والأمم على حدٍ سواء و نرفض تماماً توجيه أي اهانة او عنصرية او سخرية او تقليل من أي شعب أو من حضارته أو ثقافته.. الممارسات دي ملهاش مكان في القومية المصرية.
منذ توحيد الدولة المصرية إلى الآن أثرت مصر في العالم بقوة حيث أنها تُعتبر عند معظم العلماء "أول حضارة في التاريخ البشري" و عليها قامت الحضارة اليونانية كما قال الفيلسوف اليوناني أفلاطون و على الحضارة اليونانية قامت الحضارة الرومانية التي قام عليها معظم الحضارات الغربية
لا تكاد تجد دولة في حوض البحر المتوسط وغرب آسيا وشرق وشمال أفريقيا إلا و تأثرت بشدة بمصر و ما زالوا يتأثرون بها في كل شئ.. ببساطة دي مكانة مصر ود
مصر كذلك تأثرت بمحيطها.. و لكن التأثر والتأثير لا يعني أبداً أنه مصر حصلها محو ثقافي أو استبدال شعبي.. الشعب المصري ما زال يحتفظ باستمرارية جينية و ثقافية كبيرة جداً تفوق 90% و حتى التأثرات الثقافية الخارجية اتعملها تمصير ثقافي بالكامل و إدخال عادات مصرية عليها و متعرفش تفرقها عن باقي ثقافتنا.
اعرف الفرق | الانعزالية ≠ نبذ الأممية
مصر كما وصفها الكل هي أُمة بذاتها، مصر فريدة و لا تشبه أحد و هي أقدم أُمة في التاريخ. ظهور الأمة المصرية يسبق ظهور الأمة الافريقية مثلاً بأكثر من 5,000 عام و يسبق ظهور الأمة العربية بـ3,500 عام و يسبق ظهور الأمم الأوروبية ب2,000 عام.
كون أننا بنعترف بحقيقة تاريخية راسخة بتقول أنه مصر فعلاً فريدة من نوعها و لا تشبه أحد من حولها و لا تشترك مع أُمة أخرى في حضارة واحدة أو في أصل شعبي واحد دة لا يمكن مساواته بالانعزالية.. دي حقايق علمية بنحكيها كما هي و التفرد المصري مش معناه أبداً الانعزال و عدم التعامل مع العالم.
للأسف أغلب اللي بيقول علينا انعزاليين هم اللي متضايقين من كلامنا عن أنه مصر أمة بذاتها و ليست جزء من الأمة العربية أو الأمة الافريقية لأن حضارتنا و أصولنا و ثقافتنا تختلف عنهم تماماً و سبقتهم بآلاف السنين و حتى مع مرور الزمن مبقيناش جزء منهم ثقافياً ولا حضارياً فبنلاقي البعض بيعتبر دي عنصرية و شوفينية و بيفسروا الانعزالية بأنها رفض الإنضمام للأمة العربية.
طب ما بنفس المنطق كدة القومية العربية هي كمان عنصرية و شوفينية عشان مش عايزة تنضم للأمم الأخرى من حولها. هل دة منطق؟ كدة تهمة الشوفينية هتلازم كل الأمم والثقافات المختلفة لحد لما العالم كله يبقى دولة واحدة و دة مش منطق لأن الاختلاف و استقلال المختلفين عن بعضهم البعض هو سُنة من سُنن الحياة
فالعربي لا يقبل أن يحكمه المصري لأننا لسنا من أصول قبائل عربية و كذلك كل الشعوب ترفض أن يحكمها شخص خارج قوميتها.. و مصر لها حضارتها و هويتها و ثقافتها الخاصين بها منذ آلاف السنين بالتالي صارت أمة بذاتها و أكبر من أنها تكون قُطر أو دويلة أو محافظة في أُمة قومية أكبر زي العربية أو الافريقية أو الأوروبية.
لا يمكن أبداً مساواة بين الحفاظ على الاستقلال المصري و الاعتزاز بحضارتنا وهويتنا و بين الانعزالية.. العرب يعتزون بهويتهم و الفرنسيين يعتزون بها والايرانيين و الروس و الافارقة و كل شعب يعتز بهويته.. ليه اعتزازنا باختلافنا يتسمى انعزال و احنا اشد الدُعاة للتكامل الدولي والتعاون ونشر السلام؟
كمان لا ننسى انه بعض الناس بتقول علينا انعزاليين لمجرد اننا رافضين لفكر المركزية الافريقية و محاولاتهم بالسطو على التاريخ المصري و ادعاء انه الشعب المصري دخيل على مصر و أنه غرب افريقيا هي أصل الحضارة المصرية
ثم جاء العرب والرومان وطردوا شعب مصر الأصلي وحلم المركزية الافريقية هو العودة لمصر عبر الهجرة والتوطين وغسل العقول باستعمال السينما والتوغل في علوم المصريات من اجل اقناع العالم انه الحضارة المصرية بناها سكان اف..ار-قة s..وـد و يعملوا قضية عالمية بتطالب بعودهم لمصر و خروجنا من ارضنا اللي عيشنا فيها آلاف السنين
بيتقالنا "فيها ايه لما الافارقة يشاركوا معاكم حضارتكم انتو ليه عنصريين اوي كدة".. و العنصرية هي ادعاء الافضلية على الغير.. ما علاقة ذلك بالتواطؤ مع تيار عنصري عايز يطرد 100 مليون مصري من بلدهم و يختلق تاريخ مزيف يبرر بيه مطالبه بالتوطين في مصر؟
